جاء تقرير الباحث الاجتماعي عبد الطيف حيبوس ليسلط الضوء على موضوعأضحى اليوم محل نقاش المجتمع المغربي و الذي أغنته مجموعة من العوامل السياسية،الاقتصادية و الاجتماعية و هو اللائكية، ليتطرق الباحث إلى إمكانية اتباع المغاربةلائكية جديدة على الطريقة الأمريكية محورها عقلنة الدين .
حسب رأيي الخاص، فإن عقلنة الدين في المغرب هي ذات مرجعية تاريخيةتعود إلى حقبة العالم ابن رشد، الذي علمنا ماهية الفكر الحقيقي، أما في مغرب اليومالدمقراطي و الذي يسير نحو الازدهار بفعل ساكنته الشبابية، أظن أن الفكر العقلانيهو السبيل الأمثل لخلق حوار – إن لم نقل اندماجا- بين الدين و الدولة .
فحسب خبرتي كمقيمة بإيطاليا منذ 33 سنة، لم أر أي تعقيد أو صراع بينالدين و الدولة في هذا البلد الذي هو مهد المسيحية، فالفاتيكان منفصل عن الدولة ،و في نفس الوقت، هذه الأخيرة تحمي و تحافظ على جميع الديانات و كذا حرية العقيدة،و أرى المغرب هو البلد العربي الوحيد الذي يعيش علمانية مبنية على حماية الدين كماهو الحال بإيطاليا و بعض الدول المسيحية الأخرى، و بالتالي فإن المتدينين فيه لايهابون اللائكيين و العكس صحيح، لهذا فإننا نجد أن معظم السياسيين و كذا المواطنينلائكيين بطريقتهم الخاصة.
لقد أصاب الدكتور حيبوس حين قال أن النقاش في هذا الموضوع سيؤدي حتماإلى نهضة فكرية و ثقافية أساسها اللائكية لكن ليست على طريقة "بوركيبة"بتونس أو "أتاتورك" بتركيا، لأن المغرب لديه منهجه الإسلامي الديمقراطياللائكي، و هو ليس فكرا جديدا، فالملكية المغربية دوما كانت الوسيط في العلاقة بينالدولة و الدين لهذا فقد نجحت في إطلاق الإصلاحات الدستورية داخل مناخ متوازن.
لذا، فنحن المغاربة عشنا دوما اللائكية الخاصة بنا سواء جهرا أو سرا،و لا يجب أن نكذب على أنفسنا و ننكر ذلك. و بالتالي فإن هذا التوازن بين اللائكيةو الدين جعلنا في منأى عن الربيع العربي الذي بدأ بنهضة ثقافية ثم تحول بعد أيام إلى ثورة دينية و في الأخير إلى دمار شامل بسببالتطرف الإسلامي القادم من الخارج و المُدعم من الغرب دون إرادة الشعب المحلي. أماالمغرب، البلد العربي الوحيد الذي لم يكن مستعمرة الخلافة العثمانية حافظ على ثقافتهو تقاليده المتوازنة بين العلمانية و الدين، بعيدا منهج الإسلام السياسي المتطرفالذي يبتعد عن حقوق الإنسان ليرسخ أفكارا مدمرة جعلت العالم العربي يدفع ثمناباهضا. لكن السؤال الذي نطرح : هل الغرب سيقبل بهذا التوازن اللائكي المغربي ؟
يبقى لشعب المملكة الحق في النقاش و الحوار لكن نتمنى أن يبقى داخلفضاء متحضر، لأن الراي و الرأي الآخر هما أساس التقدم و الازدهار.